قناديل ملك الجليل - إبراهيم نصرالله - فلسطين ٢٠١١

الرواية الأولى في الملهاة الفلسطينية ، (حسب الترتيب الزمني).

     هي حكاية ظاهر العُمَر مُتسلِّم إحدى مدن فلسطين تحت حكم الدولة العثمانية. والمُتسلِّم هو جامع الضرائب من أهل البلدة والذي يرسلها بعد الجمع للسلطان في اسطنبول عاصمة الإمبراطورية العثمانية.

     حصل ظاهر على المنصب خَلَفَاً لوالده عُمَر الزيداني، المحبوب بين الناس لعدم ظلمه لهم وتجنبه السطو على ممتلكاتهم بحجة جمع الضرائب كما كان يفعل معظم المتسلِّمين في أنحاء الدولة العثمانية. وكان عمر الزيداني أيضاً معروف في البلاط السلطاني بالتزامه بإرسال الميري (وهي أموال الضرائب التي يجمعها من بلدته) في مواعيده المحددة.

     بعد وفاة الوالد (عمر الزيداني) ولتحديد من سيَخلُفه، يحتكم الأبناء للقناديل! (وهي كانت فكرة منتشرة في ذلك العصر حيث كانت شعلة القنديل تمثل حياة صاحبه. فمَن ينطفئ قنديله أولاً فهو الأقصر عمراً. وستظل ليلة القناديل تلك تلقي بظلالها على ظاهر وإخوته طوال حيواتهم.

     تأخذنا الرواية لفترة حكم ظاهر والتي لا تختلف كثيراً عن فترة حكم أبيه من حيث نشر العدل وتحقيق الأمن. وكيف كان يقيم التحالفات وينهي الصراعات و يروِّض حتى البدو قطَّاع الطرق. ويظل يضم لإمرته البلدات والقرى والمدن المجاورة له مع مراعاة عدم معاداة الإمبراطورية العثمانية.

     نعيش مع ظاهر (أو مَلِك الجليل كما أطلق عليه أحد الرهبان) تحقيق حلمه الأكبر بحكم فلسطين كدولة مستقلة عن الدولة العثمانية. ومن خلال الرحلة لتحقيق ذلك الحلم وحتى بعد تحقيقه نعيش معه المؤامرات والخيانات ونقض العهود. ووسط كل ذلك نرى الحياة الإجتماعية في تلك الفترة سواء لعامة الناس أو للحكام. وخاصة الحياة الإجتماعية لبطلنا ظاهر العُمَر.

اقتباسات:

"ليس ثمة سفر يمكن أن يعود منه البشر منهكين أكثر من الحرب. إنها سفر بعيد يلامس فيه المرء الموت مرات ومرات"

"الذي تستطيع اللحاق به ماشياً لا تركض خلفه."

"الذكريات هي الشيء الوحيد الذي يمكن أن يتغلب به البشر على الزمن، لأنهم يؤكدون لأنفسهم بها أنهم لم يكونوا مجرد عابرين لهذه الحياة."

" - أتخشى على إحساسهم، وقد كان كلّ منهم مستعدا لقتلك؟!

- وكنت مستعدا لقتلهم يا بشر ! فلماذا تنسى استعدادي لقتلهم، ولا تذكر سوی استعدادهم؟! لا تهزم مهزوما مرّة أخرى يا بشر، ففي الأولى يفهم أنك هزمته كجندي، أما في الثانية فإنك ستهزمه كإنسان، وبهذا لن يغفر لك!"

"أنا لا يعنيني ما تؤمن به، يعنيني ما الذي يمكن أن تفعله بهذا الإيمان: تبني أم تهدم تظلم أم تعدل، تخلص أم تخون تسلب أم تمنح تحب أم تكره، تصدق أم تكذب، تحرر أم تستعبد، تزرع أم تقلع تنشر الأمن أم تطلق وحش الخوف يلتهم قلوب الناس؟"

"في صبيحة اليوم التالي عُلّقت مشنقتان بباب عكا، تأملهما الداخلون والخارجون دون أن يفهموا شيئًا، وبعد صلاة الظهر أُحضر الرجلان وتم شنقهما. وأعلن ظاهر: فليعلم الجميع سيكون هذا جزاء كل من يعترض طريق امرأة أو رجل أوقافلة في هذه البلاد."

" هذه الدواوين والمجالس وجدت لخدمة أهل البلاد، صغيرهم قبل كبيرهم، وإذا ما سمعت عن رجل في آخر الأرض، يقال لي إن لديه العلم والخبرة والأمانة لخدمة الناس، فسأسير إليه على قدمي، مسلما كان أم مسيحيا أم يهوديًا، فكما جاء الناس إلى هنا واختاروا السكن إلى جانب أهل عكا بكامل حريتهم، فليس لعكا إلا أن تحتضنهم وتحتضن حريتهم معهم ! ويشهد الله وتشهدون، أنني لم أقف يومًا حجر عثرة في طريق بناء كنيسة أو كنيس أو مسجد، وأن كل من فرّ من صيدا والقدس ونابلس وبيروت وسواها هاربا من الظلم لن أقبل، ما دمت حيا أن يستقبله أحد من أهل هذه البلاد بالظلم الذي تركه وراءه."

"لم يخلق الله وحشاً كالإنسان، ولم يخلق الإنسان وحشاً كالحرب."

"ما تستطيع الحصول عليه بالسِِّلم، لا تخض من أجله حرباً."

"هنالك يا شيخ قناديل لا تُطفأ، وقنديلك منها. بعد كل ما فعلته، أتراك تعتقد أن أحدًا يستطيع إطفاء قنديلك ؟! صحيح أن أحدا اليوم لا يجرؤ على الجلوس لتدوين كل ما فعلته من أشياء عظيمة، لأنهم لا يخافون شيئًا أكثر من خوفهم من الدولة، والدولة لا تخاف شيئًا أكثر من خوفها من الحبر! ولكن بعد عام أو عشرة أو خمسين أو مئة سيتغيّر هذا، ويتقد قنديلك وتتقد كل تلك القناديل التي انطفأت دفعة واحدة يا شيخ!"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عربية في إيران - ندى الأزهري - سوريا ٢٠٢٣

المِعطَف - نيكولاي جوجول - أوكرانيا/روسيا ١٨٤٢