إبنة الحظ - إيزابيل ألليندي- تشيلي ١٩٩٨

 ترجمة: صالح علماني.

     في البداية لم أكن متحمسة للرواية ففكرتها لم تستهويني كثيرا و هي رواية كبيرة نسبياً، حوالي ٤٠٠ صفحة. بدأتها عندما كانت الوحيدة المتاحة أمامي للقراءة و أخذتني الكاتبة رويداً رويداً فتعلقت بشخصيات الرواية و أماكنها وأثارت فضولي للقراءة في تاريخ البلاد التي تمر بها الأحداث (تشيلي، أنجلترا، الصين، كاليفورنيا).

    تدور الأحداث على مدار عشر سنوات تقريباً من ١٨٤٣ إلى ١٨٥٣ - ويتخللها بعض أحداث الماضي الأبعد من ذلك.

     نبدأ مع إليثا تلك الطفلة التي لا تتعدى العشر سنوات و هي لقيطة منذ ولادتها تعيش في كنف أسرة أرستقراطية أنجليزية مستقرة في تشيلي. الآنسة روز، وهي التي تحمست لكفالة الطفلة و رعايتها، وأخوها الأكبر چيرمي، تلك الشخصية الصارمة الصامتة، و أخوهم القبطان چون الذي يغيب عن البيت بالشهور لطبيعة عمله ولا يستقر معهم سوى بضع أسابيع و يسعد به كل من في البيت. وطبعاً لا يمكن إغفال "ماما فارسيا" تلك العجوز التشيلية غريبة الشخصية وهي كبيرة الخدم في منزل آل سومرز، وهي بمثابة الأم الثانية لإليثا ترعاها مع الآنسة روز.

     تأخذنا الرواية لنتعرف على حاضر و ماضي الآنسة روز وكيف تسير الأمور في بيت آل سومرز و كيف كانت طفولة أليثا بين أرستقراطية الآنسة روز و خرافات ماما فرسيا. ثم قصة حب أليثا ثم تعرفّها على تاو- شيين أو الإبن الرابع كما كانت تطلق عليه أسرته. و تأخذنا الرواية في رحلة لماضي تاو- شيين فنتعرف على الصين في تلك الفترة و حرب الأفيون و سيطرة الإمبراطورية البريطانية، و الأوضاع الاجتماعية هناك والاختلاف بين الصينيين و الاجانب و كيف يرى كل منهم الآخر.

     ثم تنتقل أحداث الرواية لسان فرانسيسكو في فترة "حمى الذهب" أو كما كانوا يطلقون عليهم "مغامرون ٤٩" حيث بدأ التوافد من مختلف أنحاء العالم على كاليفورنيا جرياً وراء الذهب وحلم الثراء السريع ١٨٤٩.

     نرى كيف بدأ المجتمع و كيف أثرت الأفكار و البدايات والأحلام في تكوين المجتمع الأمريكي حتى الآن.

     الرواية ممتعة في قراءتها مع تنقّل الأحداث بين الشخصيات والأماكن المختلفة، و تدعوك للتفكير في المجتمعات والتأمل في نظرتنا لكل ما هو مختلف عنا.

     الرواية تعرض أمام عينيك مدى الظلم والقهر و العنف في المجتمعات المختلفة وأحيانا في مجتمعنا نفسه لكن لا نراه على حقيقته لمجرد أننا تعوّدنا على وجوده.

     أول لقاء مع الكاتبة إيزابيل ألليندي و لن يكون الأخير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عربية في إيران - ندى الأزهري - سوريا ٢٠٢٣

المِعطَف - نيكولاي جوجول - أوكرانيا/روسيا ١٨٤٢

قناديل ملك الجليل - إبراهيم نصرالله - فلسطين ٢٠١١