زقاق المدق - نجيب محفوظ - مصر ١٩٤٧
ندخل مع نجيب محفوظ زقاق المدق. يصف لنا الزقاق ويعرّفنا شخصياته التي نعيش معها وفي عالمها -عالم الزقاق- على طول الرواية. يصف لنا الزقاق بوكالته وقهوته وفرنه وخرابته و دكان الحلاقة و دكان بيع البسبوسة ثم البيتين المتجاورين في آخر الزقاق ومن يسكنهما. نعيش مع كل شخصية ونتعرف على حياتها وأفكارها وعلاقتها بمن حولها وعلاقتها بالحياة في الزقاق وأهله.
كالعادة يرسم محفوظ شخصياته ببراعة… من زيطة صانع العاهات المحترف، للشيخ درويش بركة قهوة كرشة…. ومن السيد سليم علوان صاحب الوكالة وصينية الفريك غذائه اليومي الذي صار حديث الزقاق، إلى المعلم كرشة صاحب القهوة بفضائحه وعلاقته المتوترة بأهل بيته…. نرى أم حميدة -خاطبة ودلالة- بذكائها الشعبي وخبرتها في الحياة وخبثها أحياناً، وطيبة قلبها وهي تربي الفتاة اليتيمة حميدة…. نرى حميدة نفسها المتطلعة للعيشة المريحة والثراء السريع ، والناقمة على الزقاق بمن فيه، وكيف يحبها عباس الحلاق، ذلك الفتى الطيب الراضي بحياته ويحب الزقاق وأهله.
وغيرهم الكثير ممن نعيش معهم أفكارهم وفلسفتهم في الحياة.
اقتباسات:
"والحق أن حبي الآخرة لا يدفعني إلى الزهد في الدنيا أو التململ من الحياة….. كيف لا وهي من خلق الرحمن؟ خلقها الله وملأها بالعبر والأفراح فمن شاء فليتفكر ومن شاء فليشكر….. إن حب الحياة نصف العبادة وحب الآخرة نصفها الآخر."
"هناك زُلزل قلبي زلزالاً شديداً تصدعت له أضلعي. ولا أكتمكم يا سادة أن شعوراً بالذنب داخلني لأن أحد الرجلين كان يقتات على الفتات، وقد نبش القبر لعله يجد بين عظامه النخرة لقمة يستسيغها، كالكلب الضال يلتقط رزقه من أكوام الزبالة. فلشد ما ذكّرني جوعه بجسمي المكتنز ووجهي المتورد، حتى استحوذ عليّ الخجل وغلبني استعبار: وقلت لنفسي معنفاً متقززاً: ماذا فعلت- وقد أتاني الله خيراً كثيراً- لدفع البلاء أو التخفيف من وقعه، ألم أترك الشيطان يعبث بأهل جيرتي وأنا ذاهل عنه بسروري وطمأنينتي؟ ألا يكون الانسان الطيب بتقاعده عوناً للشيطان من حيث لا يدري؟"
"وانداحت هذه الفقاعة أيضاً كسوابقها، واستوصى المدق بفضيلته الخالدة في النسيان وعدم الاكتراث."
"وما سُمي الإنسان إلا لنسيه ….. ولا القلب إلا أنه يتقلب"
تعليقات
إرسال تعليق