مسيح دارفور - عبدالعزيز بركة ساكن - السودان ٢٠١٢
"السلطة المركزية تعتبر أن الحرب قد آتت أكلها ونضجت ثمارها وتم قطف هذه الثمار طازجة، باعتبار أن أهم هذه الأهداف استراتيجية، وهي ترحيل مجموعة من القبائل من أوطانها، وأن تحل محلها مجموعات أخرى تم استيرادها من الدول المجاورة، وذلك حدث بنسبة ٩٠٪، والشيء الأهم هو أن لا يعرف أحد — لِمَ يحدث ذلك — ومن الأهداف الثانوية التي تحققت للسلطة المركزية هي أن تبدو الحرب في دارفور كما لو أنها حرب بين مجموعتين وهميَّتين، وهما ما يُسمى بالعرب والزرقة، وهاتان المجموعتان لا وجود لهما في الواقع، ولا توجد أية حرب بينهما."
الاقتباس السابق يلخص الرواية. فهي تتكلم عن دارفور وحربها. الكاتب يتتبع بعض الشخصيات ويحكي لنا ظروفها وعلاقاتها وأحياناً دورها في الحرب. يُظهِر لنا المتحاربين ودوافعهم ونفسياتهم وما تفعل بها الحرب. يُشعرنا بقسوة الإنسان سواء بطبيعته أو بتأثير الحرب عليه. نرى كيف يصل اليأس بالإنسان ليشكك بمعتقداته ويؤمن أحياناً بمن يدّعِي النبوة المزيفة.
اقتباسات:
"العسكر اﻟ ٦٦ لا يرغبون في الحرب، وليست هي من ضمن هوايات أي منهم. إنهم من أُسَر كريمة تقدِّس الحياة وتحترم الجار والصديق، وتُقِيم الصلاة أيًّا كانت، في الكنيسة أو في الجامع أو في أيٍّ من أمكنة الله الكثيرة، وتعرف أن الرب لا يحب أن تُقْتَل النفس البشرية، وأنه حرَّم ذلك، ولكن من يطلق الأوامر هو من يتحمَّل الذنوب والخطايا التي تُرتكب في الحرب، إنهم سيطلقون الرصاص إذا أمروا بذلك، ولكن المرتكب الحقيقي لجريمة القتل هو القائد الميداني، وهو الوحيد الذي يمتلك حقَّ إصدار الأوامر. إنهم يعرفون ذلك جيدًا، وهذا أخطر ما في الأمر؛ لأن ضمائرهم ستصاب بالموت، بالخدر البارد مثل الطين المخلوط بماء آسن؛ أي إنهم عندما يذهبون إلى منازلهم بعد كل معركة، سوف لا يحملون في ظهورهم أوزار موتى أبرياء أزهقوا أرواحهم قبل ساعات قلائل."
"فما التاريخ عنده سوى ملحوظات دوَّنَها البشر، ومن حقنا كبشر أن ندوِّن التاريخ الذي يخصنا، ومن حقنا ألا نصدِّق المدونين، فليست هنالك حقيقة مطلقة فيما يُسجَّل، ولكن ليست هنالك حقيقة أكثر مما نراه بأعيننا ونحسه ونتعذب من أجله يوميًّا."
"يريدون حربًا دون موتى أو مشردين، بذلك يخالفون طبيعة الأشياء."
"قال له لست مقاتلًا ولست عدوًّا لأحد، ولا أرغب في أي عمل بطولي، بل قال له صراحة، إنه لا قضية له يحارب من أجلها، إنه لا يريد أن يصبح شهيدًا أو بطلًا، وكأن لسان حاله يقول: توجني جبانًا وأعدني لأسرتي."
"هذه الحكاية لا تحدث أية فرق بالنسبة له، يعرف أن اتفاقيات السلام ما هي إلا هدنات لحروبات أكثر شراسة…… ولكنه أيضًا يعرف أن هنالك حروبات تلوح في الأفق، وهي المعارك التي تسبق اتفاقيات السلام، حيث يريد كل طرف أن يدخل الاتفاقية من موقع القوة، وأن يضغط الطرف الآخر نفسيًّا ومعنويًّا وماليًّا — رشاوى — وعسكريًّا في ميدان القتال، حتى يستطيع أن يفرض وجهة نظره ويحصل على أكبر مكاسب ممكنة: هذه هي الحرب، كما خبرها خلال عشر سنوات"
"وعرفوا فيما بعد، أن الحب والكراهية يجريان بذات الشُّريان، ويسقيان ذات الحقل، وعرفوا أن من يحب كمن يكره: يختلط عليه الأمران، ولا يعرف أيهما خيره وأيهما شره، وقد يقبِّل إصبع الشيطان ظانًّا أنها شفة محبوبه."
تعليقات
إرسال تعليق