عائشة - البشير بن سلامة - تونس ١٩٨٢

  الرواية هي الجزء الأول من رباعية (العابرون) . وهي الرباعية التي يصنفها النقاد أنها من أهم روايات الأدب التونسي المعاصر. وتُعتبر بمثابة تأريخ اجتماعي للمجتمع التونسي في ظل الحماية الفرنسية والحرب العالمية الثانية ومكافحة الاحتلال الفرنسي.

     تبدأ الرواية وتنتهي في جنازة عائشة وما بين البداية والنهاية يتذكر علي (أحد شخصيات الرواية) حياة عائشة القصيرة وظروف ولادتها وحياة أبيها.

     معظم الرواية تتحدث بشكل أساسي عن (الطاهر)، والد عائشة، وعن حياته ونشأته وظروف زواجه وأولاده.

     نرى من خلال الشخصيات حياة المجتمع التونسي في تلك الفترة التاريخية (تونس تحت الحماية الفرنسية ثم بداية الحرب).... نرى كيف كانت حياة الناس باختلاف طبقاتهم الاجتماعية. نتعرّف على جزء من تقاليد المجتمع التونسي وعاداته من مأكل وملبس وعادات اجتماعية وأعراف. 

     رغم صغر حجم الرواية، فهي لا تتعدى ٢٠٠ صفحة، إلا إنها ثقيلة على النفس بأحداثها وشخصياتها المضطربة. ويُحسَب للكاتب أنه رسم شخصياته كلهم كبشر، مجرد بشر، ليس منهم ملاك طيب أو مظلوم دائماً، وأيضاً ليس منهم شيطان ظالم شرير دائماً.


اقتباسات:


"وبدأ الاستنطاق ، عنيفا ، ملحاحا ، موجها إلى إدانة التلامذة أكثر منه إلى البحث عن الحقيقة . وأي حقيقة تُرجى من وراء هؤلاء العرب الكذابين الأفاكين في نظر أسياد البلاد «والحامين » لها."


"- يا ليتكم أيها الأولاد تبقون صغارا نحتضنكم نحن الأمهات كالدجاجة تحتضن فراخها . ولكن ما لنا حيلة."


"عالمان إثنان التقيا في هذين الشخصين : عالم البلدية، وعالم ساكني الأرياف هما ركيزتان لتونس الخالدة ، امتزجا منذ الدهور ، وبقيا على طبائعها تتلاقفها أمواج الأحداث ، وتفرق بينها حينا ولكنهما محكوم عليهما بالتلاقي والتفاعل والاندماج."


"يوم الخميس : لا يذكره أهل تونس باسمه صراحة لأنهم لا ينطقون بعدد خمسة ، وكل مشتقاته ، خوفا من العين (والعين حق والطيرة باطل)"


"ولكن ، أية حرية هذه التي تضيق عليه الخناق ، ولا تتركه يختار مصيره بنفسه ؟ ولقد شعر الآن أن العالم كانت أبوابه مغلقة أمامه ، وكان يمر أمامها ولا يشعر بتلك الأبواب : جدران سميكة فحسب ، عالية ولا يمر بباله أن هنالك عوالم أخرى ، هي هذه التي دفعه الحظ إليها ، وجعله في كل يوم يختار بين الخير والشر ، بين الطيبة والفساد ، بين القناعة والنهم ، بين إرضاء الشهوات وكبتها . هذه هي الحرية الحقيقية أما الأخرى فهي الطاعة والعفوية وكان ثمنها رخيصا . أما الآن فهي تترك في النفس جروحا إن التأمت فآثارها لن تمحى."


" أرفض هذه الحياة ولكن كيف ؟ هذه الحياة التي لا يجد فيها الفرد مكانة، فهو قطيع : إما قطيع ليس له حظوة ولا اعتبار لإنسانية عناصره ، فهو يساق كما تساق الغنم ويحشر في زمرة العبيد ، أو قطيع له حظوة وهو مخطوط ، جملة أمام عامة الناس ولكن أفراده في عبودية تامة يخضعون إلى الطقوس والتقاليد والمراسم ، متى سيأتي الزمن الذي تكون فيه الحرية للفرد والاعتبار له كإنسان كامل الإنسانية !؟ لن تكون الثورة الحقيقية إلا إذا بني نظام لا يكون فيه أي ظلم وعسف وامتهان لأي فرد من الأفراد غنيا كان أو فقيرا ، شيخا أو شابا أو طفلاً ، أمرأة أو رجلاً."


"هذه حياة العبيد والخنوعين ، حياة العبيد المركبة : البايات عبيد الفرنسيين وأنتم عبيد البايات . أنتم عبيد العبيد ، يا لها من حياة الذل والمسكنة !"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عربية في إيران - ندى الأزهري - سوريا ٢٠٢٣

المِعطَف - نيكولاي جوجول - أوكرانيا/روسيا ١٨٤٢

قناديل ملك الجليل - إبراهيم نصرالله - فلسطين ٢٠١١