راوية الأفلام - إيرنان ريبيرا لتيلير - تشيلي ٢٠٠٩

 ترجمة: صالح علماني

     أسرة فقيرة تعيش في معسكر لعمال المناجم - المعسكر الأفقر الذي يخلو من أي تسلية سوى سينما وحيدة بماكينة عرض هزيلة وعامل سكِّير سليط اللسان. تتكون الأسرة من الأب القعيد الذي يكفي معاشه بالكاد لسد حاجة الاسرة من المأكل، والأم هاربة تاركة للأب خمسة من الأبناء - أربعة ذكور وفتاة صغيرة 

     يقيم الأب لأبنائه الخمسة مسابقة لمعرفة أفضل راوي. تنجح الفتاة الصغرى، بعد تصويت وتعادل وتصفيات، في حصد لقب راوية الأفلام. فهي لا تكتفي بحكي الفيلم بتفاصيله، بل وتمثل وتغني وتقلّد كل المؤثرات السمعية والبصرية أيضاً. ومع تكرار الأفلام، بدأت في تطوير الاكسسوارات التي تستخدمها لتحاكي مشاهد الفيلم سواء كان غنائي أو حربي أو رومانسي أو أياً كان. بل وبدأ صيتها يذيع في المعسكر كله وتأتي الناس لتسمع مها الأفلام بدل دخول السينما… فمن ناحية هو توفير للنقود فهم يدفعون لرؤية راوية الأفلام أقل من السينما ، ومن ناحية أخرى هم حقاً يستمتعون بالفيلم من الراوية أكثر من السينما.

     نسمع الحكاية كلها بلسان "ماريا مرجريتا" راوية الأفلام أو كما أطلقت على نفسها "الحورية ديلسين" … نسمع كيف ساعدتها القراءة وحكايات أمها لها وهي صغيرة وسماعها التمثيليات الإذاعية التي كانت تدمنها امها،وكيف كانت تستمتع برواية الأفلام وتسعد بانبهار كل من حولها…

كانت سعيدة بالدخل الإضافي للأسرة التي هي سببه الرئيس… وميسوري الحال الذين يستدعونها لبيوتهم في جلسات خاصة لتحكي أحد الأفلام.

     ولكن الحياة لا تظل على وتيرة واحدة… وبقدر البهجة في الجزء الأول من الرواية بقدر البؤس في جزئها الأخير. فنرى تقلبات الدنيا وكيف صار حال "راوية الأفلام".

اقتباسات:

"كانت قاعة السينما المظلمة تبعث في الافتتان؛ تبدو لي أشبه بمغارة غامضة، سرية، وغير مكتشفة على الدوام، فما إن نجتاز ستائر الباب المخملية السميكة حتى يخامرني الوهم بالانتقال من عالم الواقع الفظ إلى عالم سحري. "

"لم أكن أروي الفيلم، بل كنت أمثله، بل أكثر من ذلك: كنت أعيشه. وكان أبي وإخوتي يستمعون وينظرون إلي بأفواه مفتوحة."

"كانت (الصالة) تمتلئ بالأطفال والبالغين، رجال ونساء. كان هناك من يذهبون لرؤية الفيلم في السينما، ثم يأتون إلى البيت ليسمعوا روايته، ويخرجون بعد ذلك وهم يقولون إن الفيلم الذي رويته أفضل من ذاك الذي شاهدوه."

"ودون أن أفكر مجرد تفكير في الأمر، تحولت في نظرهم إلى صانعة أوهام، إلى نوع من الحورية، كما قالت جارتنا؛ فقد كانت روايتي للأفلام تُخرجهم من ذلك العدم الفظ الذي تعنيه الصحراء، وتنقلهم، ولو لوقت قصير، إلى عوالم بديعة مليئة بالحب والأحلام والمغامرات. وبدلا من أن يروا تلك العوالم معكوسة على شاشة سينما، كان بإمكان كل واحد منهم أن يتخيلها على هواه."

"بعض من يأتون لرؤية بقايا منجم ملح البارود يسألونني بذهول: كيف استطعنا العيش في ذلك القفر؟

 المشهد يبدو لهم أسوأ من إقليم في الجحيم."


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عربية في إيران - ندى الأزهري - سوريا ٢٠٢٣

المِعطَف - نيكولاي جوجول - أوكرانيا/روسيا ١٨٤٢

قناديل ملك الجليل - إبراهيم نصرالله - فلسطين ٢٠١١